قصة عرار مع هذه الأغنية الشعبية الأردنية:
عرار... إنحياز تام للشعب
يوم شغل عرار وظيفة مأمور الإجراء في اربد ، تلقت وزارة العدلية عشرات الشكاوي من المرابين في لواء عجلون،فحواها أن شاعرنا أهمل قضاياهم وحرض المدينين على ألا يدفعوا ديونهم، وحارب المرابين حربا لا هوادة فيها وتحداهم في نفوذهم وفيمن يعولون عليهم، فوجه مفتش العدلية كتابا رسميا لعرار استوضح فيه عن أسباب تلك الشكاوي.
وبعد أيام بعث عرار إلى مفتش العدل برد قاس ختمه بقوله:
"لقد فاتهم كما فاتكم أني لست من الذين يقرع لهم بالشنان ويغمز جانبهم كتغماز التين ، فليكفوا عن شكاواهم الباطلة ولتكفوا عن سماع ترهاتهم ، والله من وراء القصد!"
وعرف المرابون فحوى رد عرار فتألبوا عليه وملأوا الدنيا صراخا ورفعوا الشكاوي إلى وزير العدل فبعث هذا بمفتش العدلية إلى اربد للتدقيق في القضايا الإجرائية التي أهمل عرار تنفيذها ووجه إليه الأسئلة التالية:
س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟
ج: هب الهوا يا ياسين...يا عذاب الدراسين
س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟
ج: يا حمرا يا لواحة ...لونك لون التفاحه!
الحمرا: كناية عن الكديشة التي تدور حول لوح الدراس
س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟
ج: يا راكب ومدلي رجليه ...يا حراقة والديه!
س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟
ج: هب الهوا يا حنيني...صار الظعن ظعنين!
تسلم وزير العدل هذه الأجوبة اللا ابالية بالمنطوق العامي فحملها في حقيبته ويمم اربد وسأل عرار عما يعنيه بالزجل الشعبي الذي اعتمده في رده.
فقال عرار:" تريدون مني أن انفذ أحكاما إجرائية بحق فلاحين طفارى والفصل شتاء! والفلاح لا يغني مثل هذه الأغاني الزجلية الا وهو فرح مسرور في فصل الصيف، فصل الحصاد والكيف،فهال المرابين أن يصبروا إلى أن يحل الصيف ،فإذا جاء الموسم خصبا نفذنا الأحكام وإلا فليبلطوا البحر!"
قال عرار هذا وخرج غير مبال بالسائل ومكانته...وهنا لم ير الوزير بدا من نقله مأمورا لإجراء عمان فانتقل إلى عمله الجديد والفى مكتبه مكتظا بالمرابين فوقف فيهم خطيبا وعلى مسمع المسؤولين:
" يا قساة القلوب
يا غلاظ الأكباد!
من له منكم إذنان للسمع فليسمع إلى قول ابن مريم في أناجيله الأربع:
"تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"
ألا وإن في قانون الإجراء أيضا نصا ينص على ما المحت إليه الآية الكريمة:
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون* وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون}(278-280) سورة البقرة
هذا هو القانون...فإن لم يعجبكم فتمثلوا بقولي:
كم مجرم باسمك يا قانون=عز وذو حق هو المغبون!
وكم بريء دارت الظنون =به فلم تحمه يا قانون
ومن له إذنان للسمع فليسمع
فغضب المرابون وجمعوا أمرهم وذهبوا للوزير فوجه الوزير سؤالهم لعرار فأجب عرار بالقصيدة المعروفة "إخواني الصعاليك"