الأمير شاكر بن زيد ، قدم إلى الأردن عام 1934 ، وهو من مواليد مكة المكرمة في العام 1885 ، فيما كان والده أمير الطائف.
وقد شارك الأمير شاكر بن زيد منذ المراحل الأولى في شبابه بالحملات العسكرية التي كان يقوم بها الشريف الحسين بن علي مع أبنائه، لتأديب القبائل التي تخرج على القانون، ثم كان أحد أبرز قادة الثورة العربية الكبرى في الجيش الشرقي، مع الأمير عبدالله الأول، وشارك في المعارك بين الوهابيين وحلفائهم.
ويذكر المؤرخ العراقي علي الوردي (في كتابه قصة الأشراف وابن سعود)، أن الأمير شاكر هو من أنقذ حياة الأمير عبدالله الأول بأعجوبة، خلال موقعة تربة عام 1919.
جاء الأمير شاكر مع الأمير عبدالله إلى شرقي الأردن أواخر العام 1920، ومنذ تلك الأيام الأولى أخذ دورا مهما ومركزيا في الدولة، فقد كان لسنوات عديدة نائبا عن العشائر في مجلس الوزراء، ثم رئيسا للجنة الإشراف على العشائر التي تأسست عام 1929، بموجب قانون رسمي، ومهمتها فض النزاعات وإحلال الأمن والسلام في أرجاء المملكة، كما غادر المملكة إلى الحجاز في العام 1925 لمعاونة الأمير علي في حربه مع الوهابيين، وكان نائبا عن الأمير عبدالله نفسه لأكثر من مرة، خلال فترة غيابه خارج البلاد.
ووفقا للوثائق التي يقدمها كتاب الأمير شاكر بن زيد لمحمد يونس العبادي (منشورات وزارة الثقافة)، فقد استطاع الأمير تكريس مفهوم الدولة وتجذيره في الحياة الإجتماعية والسياسية الأردنية، وإحلال سلطتها محل العشائر خلال عمله نائبا عن العشائر، ثم رئيسا للجنة الإشراف عليها.
ومن المعروف أن الإمارة تأسست في منطقة فيها أكثر من حكومة محلية، وصراعات بين الفلاحين والبدو، ولا يوجد مفهوم حقيقي للسلطة المركزية فيها، فكانت مهمة الأمير من خلال خبرته السابقة تمثل في بسط سلطة الدولة وإقناع العشائر بالخضوع لها، وهي مهمة لم تكن بسيرة ولا بسيطة، في ضوء الثقافة الاجتماعية، أو حتى محدودية موارد الدولة حينها.
وكما توضح الوثائق ذاتها، فقد تولى الأمير شاكر فض حتى النزاعات والخصومات التي كانت تحدث بين عشائر وقبائل سورية وفلسطينية (بئر السبع) وسعودية وبين العشائر الأردنية، أي مشكلات عابرة للحدود.
وكان يتواصل – رحمه الله – مع الأطراف الإقليمية ليصل إلى حلول وتسويات للمشكلات.
وبالرغم من أنه توفي في مرحلة مبكرة، قبل أن يصل العقد الخامس من عمره، إلا أنه استطاع خلال هذه الفترة المحدودة، القيام بمهمة كبيرة في بناء مفهوم الدولة بصورة هادئة، عبر عملية قانونية وإدارية وإجتماعية بين شيوخ العشائر، الذين وجدوا سلطة فوق سلطتهم، وبين الكيان السياسي الجديد.
هذا المسار المتماسك والعميق في العلاقة بين الأمير عبدالله الأول والأمير شاكر لم ينقطع، إذ أكمل الطريق نجله المغفور له بإذن الله الأمير زيد بن شاكر، الذي قام بدور شبيه لدور والده، عبر بناء القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي ورئاسة الحكومة، خلال فترة حساسة وصعبة في تاريخ الأردن.