معصرة المزار الشمالي اليدوية تروي ذكريات المكان منذ العام 1850
حولت المكان الى بيت للتراث الشعبي ومنتدى ثقافي تعقد به الندوات ويستقبل الزوار ليروي لهم ذكريات عتيقة بدأت احداثها منذ العام 1850 حينما احتضنتها احدى تلال اللواء ..
اذ يجد الزائر لمنتدى ابو عبيدة عامر بن الجراح الثقافي في لواء المزار الشمالي عند دخوله البوابة الرئيسة للمنتدى نفسه امام معصرة زيتون باعمدة حديدية واحواض بازلتية تعد ارثا تاريخيا لندرتها واندثار اغلب المعاصر المشابهة التي كانت منتشرة في ذاك الزمان , وهي شاهد حقيقي على اعتزاز اهالي المنطقة بهذا الارث الذي كان يملأ اوانيهم بالزيت فحافظوا عليها عبر اجيال متعاقبة , وجعلوا من المكان حولها منتدى يستقبل الزوار وتعرض فيه تراثيات المنطقة اضافة الى 14 حرفة يدوية تصنعها جمعيات اللواء الذي يقع على بعد حوالي 15 كيلو مترا جنوب مدينة اربد .
توقفت المعصرة عن العمل منذ بداية سبعينيات القرن الماضي نظرا لدخول المعاصر التي تعمل على الطاقة الكهربائية والنفط , حيث كانت تعمل بالطريقة اليدوية وتحتاج الى سبعة اشخاص للقيام بمراحل عدة اثناء عصر ثمار الزيتون الذي كان يستمر لعدة اشهر من العمل المتواصل لعصر الكميات الكبيرة التي تنتجها منطقة المزار والقرى المجاورة كونها تشتهر بكثافة اشجار الزيتون لا سيما المعمر من النوع الروماني .
طريقة عملها تبدأ بعد ان يتم قطف ثمار الزيتون الذي يتم ( سلقه ) من خلال وضعه في (القطوة) أي القدر الكبير , ثم يتم اشعال النار تحته لسلق الثمار بالمياه الساخنة ثم نشره لمدة خمسة ايام , بعدها يتم وضعه في (البد) الذي هو عبارة عن حجر دائري يشبه الصحن ,قطره متر ونصف المتر, وبداخل الصحن حجر بازلتي قطره متر ويزن سبعمئة كيلو غرام ,اذ يتم من خلاله (درس) 50 كيلو غراما من ثمار الزيتون في كل مرة , وطحنه بتمريرها فوقه بشكل دائري لمدة ساعة من الزمن .
وبعد ان يتم طحنه وتحويله الى فتات يتم جمعه ووضعه في قوالب خاصة مصنوعة من الليف الطبيعي على شكل دائرة مفرغة من الوسط ذات طبقتين وبقطر 70 سنتيمترا ومن ثم وضعها فوق بعضها على ماكنة عصر الزيتون المصنوعة من مادة الحديد الصلب , ثم يتم الضغط عليها بواسطة المكبس وهو عبارة عن اسطوانة ذات مسننات تعمل بواسطة الشد عليها بالايدي وتحتاج الى جهد كبير وقوة اثناء الضغط عليها الى ان يتم كبس الزيتون جيدا ويبدا الزيت بالانسياب الى (قطوة الزيت) لتجميعه ثم يتم تخزينه بواسطة (الدنة) وهي وعاء كبير مصنوع من مادة الفخار كان يستخدم سابقا ويعد من افضل الأواني حفظا لزيت الزيتون .
مدير منتدى ابو عبيدة الثقافي الفنان التشكيلي عمر الجراح قال لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) اثناء زيارتها للمنتدى ان اقامة بيت التراث الشعبي ومنتدى ابو عبيدة عامر بن الجراح الثقافي في المكان الذي توجد فيه المعصرة ياتي لكونها من المعالم التاريخية في المنطقة , والتي سيعاد العمل على تشغيلها بداية موسم العام المقبل في ظل ان جميع ادواتها متوفرة , إلا انها تحتاج الى القليل من العمل لكي يتم تأهيلها خاصة وان قوالب الليف القديمة وبعد زمن طويل لم تعد تقوم بالمهمة بالشكل المطلوب الامر الذي يحتاج الى قوالب اخرى سيتم صناعتها يدويا من مادة الليف الطبيعي الذي يسمح بانسياب الزيت منه .
واضاف الجراح ان احد الخبراء الالمان كان قد زار موقع المعصرة قبل عدة ايام طالبا شراءها كونها من الآلات القديمة النادرة في ظل ان المعاصر المشابهة لم تعد موجودة هذه الايام , مؤكدا انه لن يتم بيعها كونها ارثا لاهالي المزار الشمالي ومعلما تاريخيا يحكي لهم قصص الاجداد الذين تعلقوا به وحافظوا عليه الأمر الذي جعل من الاجيال المتعاقبة النظر الى المعصرة بانها نبع الخير الذي اجتمع حوله وعبر سنوات طويلة اجدادهم وآباؤهم بما في ذلك الذكريات الجميلة التي عاشتها المنطقة .
#اربد