العلامه الشيخ عبد المنعم بن رأفت بن محمد بن مطيع بن عبد الرزاق أبو زنط 1937/9/28 - 2015/7/26 (77 سنة) ، ينحدر نسبه من عائلة نابلسية تعتبر من اكبر العائلات في نابلس ولها امتداد في طولكرم ، يعتبر الشيخ ابو زنط من كبار علماء بلاد الشام وداعية إسلامي بارز ، عضو مجلس النوّاب الأردني عدّة مرات ، عضو المؤتمر الإسلامي الشعبي في بغداد، أحد قياديي جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ، ومن الأعضاء المؤسّسين لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي انبثق عن الجماعة في الأردن.
ولد في مدينة نابلس الفلسطينية عام 1937، نشأ في أسرة متديّنة توقّر الدين وتكريّم العلماء، تأثر في طفلوته من مشاهد الإحتلال حيث احتلت فلسطين عام 1948وهو فتى صغير لا يتجاوز الحادية عشر من العمر، فعاش القضيّة الفلسطينيّة لاجئاً مكافحاً ، وجنديّاً شجاعاً في خدمة الإسلام والمسلمين ، واعتلى المنابر خطيباً مفوهاً منذ السادسة عشر من عمره وجاب مدن فلسطين وقراها محاضراً وخطبياً ومحذراً من الإحتلال الصهيوني ، حتى التحق في صفوف الاخوان المسلمين شاباً يافعاً منذ بداية عام 1952.
تلقى الشيخ ابو زنط تعليمه الأساسي في مدارس نابلس وداوم على حضور حلقات الشرع الشريف في ركن الجامع الحنبلي في مدينة نابلس ، تتبع أثار العلماء القادمين الى فلسطين حتى كان يرتحل من مدينة الى أخرى طلباً للعلم ولحضور الدروس الشرعية ، حتى زار دمشق وعمره 17 عاماً والتقى العلامة مصطفى السباعي وحاول الإلتحاق بجامعة دمشق إلا ان صغر سنه حال دون ذلك ، فأشار عليه السباعي بأن يلتحق بالأزهر الشريف.
دراسته في الأزهر ونشاطه الطلابي
في شهر أيلول عام 1956 ارتحل الشيخ ابو زنط الى مصر وانتظم في الازهر الشريف ، درس هناك العلوم الشرعية وتتلمذ على يدي كبار علماء المسلمين وقادة الأخوان المسلمين ، استمر في الأزهر تسع سنوات بلورت اتجاهاته السياسية وصقلت شخصيته القيادية ، ومثّل طلبة العالم الإسلامي الأزهريين في فترة دقيقة وحرجة ، تأثّر بالإمام الشهيد حسن البنا ودعوته الإصلاحيّة ، والتزم أفكاره ومنهجه الدعوي ، ولقي المفكّر الإسلامي الشهيد سيّد قطب ورافق كثيراً من تلاميذه أمثال الشيخ محمد الغزالي والشيخ أحمد حسن الباقوري والداعية عبد المعز عبد الستار والحاج محمد حلمي المنياوي صاحب مكتبة الكتاب العربي والدكتور محمود حبّ الله وغيرهم من رموز الجماعة.
وخلال محنة (الإخوان المسلمين) الأولى في مصر عام 1962 اعتقل مع إخوانه ، بسبب نشاطه في صفوف طلاب الأزهر وجرى ترحيله من مصر ثم عاد إلى مصر بوساطة كريمة من قائد معركة القدس عبد الله التل والمهندس أحمد عبده الشرباصي عضو مجلس الرئاسة ونائب رئيس الوزراء المصري.
ثم أعيد اعتقاله في عام 1965 خلال محنة الإخوان الثانية التي أعدم فيها الشهيد سيّد قطب ورفاقه ، وعاش محنته وكان لإستشهاده والتنكيل بإخوانه أثر كبير في نفسه.
دراسته في بغداد وباكستان
بعد اعتقاله في مصر تم ابعاده عن القاهرة وتنقّل بين بيروت ودمشق ، ومكث في دمشق مدة من الزمن حاول فيها الالتحاق بجامعة دمشق إلا ان سياسة حزب البعث ونظام حافظ الأسد منعاه من ذلك حتى توجّه إلى العراق لإكمال دراسة العلوم الإسلاميّة في جامعة بغداد ، ودخل العراق بعد تدخل من اللواء الركن والعلامة العراقي محمود شيت خطاب وغادر العراق بعد تخرجه وهو يحمل أطيب الذكريات عن عراق الرشيد وشعبه المضياف ، وبقي طوال عمره يعشق العراق ويدافع عن قضاياه ، ثم التحق بجامعة لاهور بباكستان ونال درجة الماجستير في الدراسات الإسلاميّة.
تسلله الى فلسطين
في نكسة عام 1967 عاد الشيخ أبو زنط الى الأردن بعد استكمال دراسته ، وحاول الوصول الى مسقط رأسه في نابلس ولم يجد سبيلا لذلك حتى اضطر لدخول فلسطين المحتلة تسللا عبر نهر الأردن فقطع النهر مشياً على الأقدام واجتاز حقلاً من الألغام حتى وصل الى مشارف مدينة نابلس ، فلاحقته دورية عسكرية صهيونية وكادت ان تطلق النار عليه حتى القت القبض عليه حياً وتم اعتقاله في سجن نابلس ومن ثم أُبعد الى الأردن معصوب العينين.
ابعاده الى الاردن وزواجه
قامت قوات الإحتلال الصهيوني بأبعاد الشيخ ابو زنط الى الأردن ، فتم وضعه على جسر الملك حسين بدون اي اوراق أو اثباتات أو مال فانتقل الى عمّان ونزل في مقر الأخوان المسلمين في وسط البلد ، حتى استضافته عائلة الكيلاني سليلة الإمام عبد القادر الجيلاني فتزوج منهم ابنة قاضي السلط الشيخ عبد الله بن فهيم زيد الكيلاني.
عمله مع ابن باز
تعاقد الشيخ ابو زنط مع السعودية عام 1967 وعمل كمدرس في ثانوية الشاطيء في جدة ثم عمل كمحاضر في في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برفقة العلامة عبد العزيز ابن باز ، واقام الشيخ في المدينة المنورة لمدة عامين عقد خلالها المحاضرات والدروس الدينية حتى حضر احدى دروسه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وكان وقتها أميرا لمنطقة الرياض ، وكان ممن تتلمذ على يدي الشيخ ابو زنط في هذه الفترة الشيخ أحمد هليل الذي اصبح فيما بعد قاضي القضاة وامام الحضرة الهاشمية.
عمله في الافتاء
في عام 1969 عاد الشيخ ابو زنط للأردن وشغل منصب أول مرشد ديني للأمن العام في المملكة الأردنية الهاشمية ، شغل الشيخ هذا المنصب في وقت حرج وحساس كانت تشهد فيه البلاد فتنة أهلية ، فعمل على رأب الصدع وترأس العديد من اللجان الشعبية الساعية لحفظ الامن والمحافظة على ارواح المدنيين ، وعقد عدة اجتماعات مع رئيس الوزراء الاردني آنذاك وصفي التل وذلك في سبيل نزع فتيل الازمة فكان سبباً بحقن الدماء في منطقة الهاشمي التي كانت تشهد اشتباكاً عسكرياً دامياً بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على القصور الملكية.
عمله في الكويت وامامته في مسجد الشايجي
اثناء عمله كمفتي لقوات الأمن العام في الأردن وبسبب مواقفه السياسية تعرض الشيخ ابو زنط لضغوط شديدة اضطرته لترك عمله والسفر الى الكويت التي عمل فيها كمدرسٍ لمدة ثماني سنوات ، تولى خلالها الخطابة في مسجد الشايجي الذي كان يؤمه الألاف من المواطنين الكويتيين والوافدين العرب خصوصا الأردنيين والفلسطينين ، وخلال تلك السنوات الثمانية انشأ الشيخ ابو زنط جيلاً من المتعلقين في القضية الفلسطينية وانصب جهده على نصرة القضية حتى داوم العلامة أحمد القطان على حضور دروسه وتأثر به تأثرا عظيما.
حياته السياسية
نائباً في البرلمان الأردني
في عام 1981 عاد الشيخ عبد المنعم أبو زنط للأردن واستقر فيها وبرز كرمز من رموز المعارضة وقيادياً في جماعة الأخوان المسلمين ، تعرض لإعتقالات متلاحقة ونُفي لمدينة معان ، تمتع بشعبيّة كبيرة بين مواطنيه فحملوه في الدائرة الثانية بالعاصمة الأردنيّة إلى مجلس النوّاب ممثّلاً عنهم ثلاث مرّات منذ عام 1989 حتى عام 2007 فحصد أعلى الأصوات من حيث النسب عام 1989 ثم حصل على أعلى الأصوات مطلقاً في برلمان عام 1993 ، انفرد بحجب الثقة عن حكومة مضر بدران خلافاً لرأي كتلة الحركة الإسلامية ، وكان من أركان الكتلة الإسلاميّة في البرلمان الأردني وداعية تصحيح للمسار بتحقيق الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن التشريعي والأمن الأخلاقي ، ثم دخل البرلمان بشكل مستقل.
موقفه من القضية الفلسطينية
كانت القضية الفلسطينية شغله الشاغل عاش من اجلها وجاب دول العالم دعماً للقضية الفلسطينة وفضحاً لسياسات الإحتلال الصهيونية حتى اضطر بينامين نيتنياهو عام 1996 للوصف الشيخ ابو زنط "بالارهابي" وذلك اثناء محاضرة له في جامعة جورج واشنطن مما حدا بالسلطات الأمريكية من منع الشيخ ابو زنط من دخول اراضيها بعد ان جاب اكثر من 25 ولاية امريكية فضح خلالها الإحتلال الصهيوني ، لم يخفِ الشيخ ابو زنط دعمه لحركات المقاومة الفلسطينية ودعا دول العالم العربي والإسلامي لدعم المقاومة مالياً وعسكرياً كما حشد الشعوب الإسلامية في سبيل دعم المقاومة الإسلامية في فلسطين ، وفي عام 2012 قام الشيخ ابو زنط بزيارة ميدانية لقطاع غزة دعماً لجهود المقاومة.
موقفه من العدوان على العراق
كان الشيخ ابو زنط من اشد الداعمين للشعب العراقي ضد العدوان الأمريكي على العراق ، وقام بزيارات دورية سنوية على العراق وزار العديد من المدن وخطب في العديد من مساجدها الكبرى وكان عضواً في المؤتمر الشعبي لدعم العراق وشارك في اعمال المؤتمر اثناء القصف الامريكي على مقر المؤتمر في فندق الرشيد كما ندّد بالإحتلال الأمريكي للعراق سنة 1424/2003 والعدوان على أرضه وشعبه وذهب الى بغداد في زيارة تضامنية قبيل العدوان بأيام ، وبشّر بهزيمة المحتلّين الطامعين بإمتلاك مفاتيح المشرق وأوروبا والشام التي يملكها العراق ، وقال: " إنّ الفتوحات الإسلاميّة بدأت بالعراق وأنّ التتار أرادوا أن يقتفوا خطّ الفتح الإسلامي ولكن بإخراج الناس من النور إلى الظلمات فهزمهم الله "
تبادل الاسرى بين العراق وايران
بعيد الحرب العراقية الايرانية قام الشيخ ابو زنط بزيارة الى بغداد واصطحب معه ثلة من العلماء المسلمين من الأردن والسودان وغيرها من الدول وشكل وفداً لمقابلة الطرف الإيراني في محاولة لرأب الصدع بين العراق وايران ، ومن بغداد اتجه الى طهران مباشرة وقابل كبار علمائها والمسؤلين الإيرانيين وتم التوصل الى اتفاق ضخم لتبادل الاسرى بين الطرفين وتم تنفيذه على اكمل وجه.
موقفه من الثورة السورية
منذ مذبحة حماة اعلن الشيخ ابو زنط دعمه للشعب السوري في سبيل نيل حريته من نظام الأسد ، وخطب في عمّان العاصمة الأردنية دعماً للشعب السوري وانتقد بشدة نظام حافظ الأسد فتم اعتقاله لمدة.
انتقام عصابات الأسد من الشيخ ابو زنط
في إبان الربيع العربي ايد الشيخ وبقوة حق الشعب السوري بنيل حريته ، حتى قامت عصابات الأسد في عام 2012 بافتعال تفجيرين أمام منزل الشيخ ابو زنط في عمّان أدت الى احراق مركبتين دون حصول اصابات ، وصرح الشيخ ابو زنط رداً على هذه الحادثة "أنه بعد مضي أكثر من سنة ونصف على بدء الربيع العربي ... نفاجأ بعد أن كاد النظام السوري تُشيع جنازته السياسية وأن يحكم الشعب السوري نفسه بنفسه في ظل الحرية والعدالة ، أن ترتب على ذلك قيام النظام السوري بدافع الكيد ضد أردن الحشد والرباط ، نفث السموم عبر بعض عملائه الذين لا يتجاوزن أصابع القدمين في أردننا كي يعكروا صفاء وأمن واستقرار البلاد"
موقفه من السلام مع "اسرائيل" ومحاولة اغتياله
اعلن الشيخ ابو زنط رفضه القاطع لمعاهدة السلام "الاردنية - الاسرائيلية" ووصفها بانها معاهدة "الذل والعار" وفي الجمعة التالية لابرام المعاهدة دوى الشيخ ابو زنط من على منبر مسجد ابي هريرة في العاصمة عمّان : "أن من يؤجر الارض كمن يؤجر العرض" فتعرض على أثر ذلك لمحاولة اغتيال كادت ان تودي بحياته.
موقفه من الحراك الأردني
بهذا الخصوص فقد أصدر الشيخ عبد المنعم ابو زنط فتوى تتعلق بالحكم الشرعي عن المظاهرات والمسيرات في الاردن حيث قال في فتواه : "إن الشعب من حقه الشرعي والوطني وتنفيساً عن آلامه وطمعاً في اماله أن ينزل إلى الشارع مطالبا بحقوقه المشروعة وذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأحذر إخواني الاحبة من أولئك الشرذمة المفسدة بالأرض والمندسين الذي يندسون بين شباب الإصلاح فيسفكوا الدماء ويفتعلوا الحرائق بهدف تشويه سلمية المطالب المشروعة للشعب الأبي فأولئك المفسدين هم العدو فاحذروهم قاتلهم الله انى يؤفكون... لذلك المنقذ الاوحد للشعب والوطن والحكومة ان يلتزموا بالاسلام ورحمة الخليفة عمر رضي الله عنه... حمى الله الاردن وشعب الاردن وامن الاردن من كل سوء ومن كل فاسد جحود ومن كل ظالم حقود"
موقفه من الثورة المصرية
وقف الشيخ ابو زنط الى جانب الشعب المصري في ثورته ضد نظامي مبارك والسيسي واعتبر نظام السيسي نظاما انقلابياً ، كما رد الشيخ عبد المنعم أبو زنط على فتوى شيخ الأزهر بقتل المتظاهرين المصريين مذكراً إياه بمواقف العلماء المجاهدين ضد حكام الظلم.
عمله الإجتماعي
عمل الشيخ ابو زنط بالعمل الخيري العام من خلال جمعيّة المركز الإسلامي الخيريّة ، وساهم في مؤسّساتها التعليميّة والصحيّة ، تولّى الخطابة في مسجد أبي هريرة بحي نزال فترة طويلة ومسجد الإمام حسن البنا بجوار المستشفى الإسلامي والتدريس في مساجد عمّان فكان خطيباً مفوّهاً جريئاً في الحق ، متمسّكاً بالكتاب والسنّة ، وكان كثير العطف على الفقراء شديد الاهتمام بفقراء المسلمين وأيتامهم وأراملهم ، وكانت له مواقف جريئة في القضايا السياسيّة والاجتماعيّة يعرفها القاصي والداني ، عبّر بصدق وأمانة عن ضمائر اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وتحدث عن جرائم الإحتلال ، وكان لسان حق وقلم صدق.
اثره العلمي
كان الشيخ ابو زنط خطيباً مفوّهاً من الطراز الأوّل يجذب قلوب المستمعين بفصاحة لسانه وجمال منطقه وعذب كلماته ويشدّهم إليه دون كلل أو ملل بسبب مصداقيّة وإخلاصه لقضيّته وجرأته في الحق وقدرته على استدعاء الشواهد الدينيّة والأدبيّة والتاريخيّة في كل مناسبة ، واستخدامه الحكم والأمثال في خطابه الديني والسياسي ، له أكثر من 1000 محاضرة وخطبة تحتاج إلى تفريغ في كتب ، له سلسلة (تأمّلات في سورة الأنفال) تضم 29 محاضرة ، له سلسلة (التميّز الإسلامي فكراً وعقيدة ومنهاج حياة) وهو عبارة عن 33 محاضرة ، له سلسلة (تأمّلات في القرآن الكريم) بدأها بستين ضماناً إلهيّاً بزوال إسرائيل (الضمانات الإلهيّة بزوال إسرائيل المزعومة) ، له مئات المقالات والمقابلات المنشورة في الصحف المحليّة والمجلاّت الإسلاميّة تدل على سعة اطلاعه وبعد نظره ، له 500 حلقة في تفسير القرآن الكريم تم انتاجها وبثها بواسطة التلفزيون العراقي
وفاته
توفي الشيخ الجليل رحمه الله في السادس و العشرين من شهر تموز لعام 2015 عن عمر ناهز السابعة و السبعين عاماً قضاها في طاعة الله سبحانه و تعالى و في ميدان الدعوة.