من سلسلة مقالات
معان .... الحياة في ظلال النخيل
محمد مفلح قطيشات
وادي معان الشامية
في هذا الوادي الخصيب عمرت بساتين التين والرمان وشجرة القراصيا التي لا تنبت الا في معان تحديدا انه واد جميل ورائع ومكان اسطوري ساحر يوم كان اناسه يمتلكون الهمة والعزم فصنعوا معجزة في قلب الصحراء مستلهمين من الاجداد الذين كانت جنائنهم وحدائقهم تحفة للناظرين ولا تزال اطلال بركة الحمام الغسانية وبقايا الكروم والجنان ماثلة للعيان حتى الآن برغم مرور ستة عشر قرنا من الزمان غير ان الحال اليوم تبدل وها هي الصحراء تزحف لكي تفترس ما بقي من مفاتن الطبيعة الزراعية لوادي الشامية الذي اعتقد انه قد يكون في سالف الزمان نهر كبير كان يتدفق لكي يروي غابات شائكة من الاشجار بدليل ان هذا الوادي عندما يسيل شتاءا فأنه ينتهي الى سبخة الجفر التي قد تكون بقايا بحيرة قديمة تكونت في عصور جيولوجية سحيقة ومن يخالفني هذا الرأي فأني احيله الى حقائق يعرفها اهل الوادي وسكانه القدماء الذين كانوا يحفرون آبارهم على اعماق لا تتجاوز المتر احيانا بل ان عين الغدير لا زالت تتدفق حتى اليوم وكذا بئر النخلة والخماسي لا زالت تجود بمائها العذب برغم تقادم السنين وهي المصادر التي اعتمدها سكان الوادي وضفافه قديما لكي يروا بساتين الفاكهة والاشجار المثمرة من التين والرمان والقراصيا والعنب والزيتون واشجار النخيل العملاقة التي لا زالت تنتصب حتى اليوم لتكون شاهدة على عصر جميل كله همة وعمل وبناء وعطاء واليوم وبرغم الجفاف الظاهر والاهمال المتعمد فلا زال البعض يمارس مهنة الفلاحة على استحياء وقد فقدت كل مقوماتها في ظل ضعف الامكانيات وتجاهل اصحاب القرار اي دعم لمزارعي سكان وادي الشامية الذي كان ولا زال قبلة عشاق الطبيعة حيث السير فيه وعلى انغام حفيف اشجار الحور العملاقة يطرب السامعين كما لو كانت موسيقى موزرت وبت هوفن انه مكان رائع وسط صحراء لا تقل جمالا صحراء حبلى بتاريخ عظيم ومجد تليد انه مكان يليق بقاطنيه من العشائر المعانية العريقة التي سكنته ذات يوم وجعلت منه جنات ... انهم الشرفاء الجذاميون من المحاميد والخورة وآل الحصان والقرامسه والطحان الذين كان الوادي ملاذ راحتهم ومصدر رزقهم وفضاء حريتهم.