محمود الروسان " أبو زياد الله يرحمه
على أكناف اليرموك وقريبا من معركتها الخالدة التي طهَّـرت بلاد الشام كلها من الإحتلال البيزنطي. ولد محمود أحمد الروسان في بلدة سما الروسان في شمال الأردن في عام 1922م، وكأترابه من طلاب جوار إربد إلتحق الروسان بالمدرسة الرُشدية على ظهر تل إربد ليكمل دراسته الإبتدائية ثمَّ انتقل إلى عماّن ودرس فيها المرحلة المتوسّطة وأنهى دراسته الثانوية في عام 1941 م في مدرسة السلط التي كانت ثاني إثنتين من المدارس الثانوية في الإمارة الأردنية مع مدرسة الكرك، وبعد إنهائه الدراسة الثانوية إلتحق بوزارة المعارف ليعمل معلّماً في مدرسة الهاشميّة الإعدادية في العاصمة عمَّـان، ولكنه لم يلبث أن إنعطف إلى ميدان العسكرية فالتحق بالجيش العربي الأردني وتخرّج من الكليّة العسكريّة برتبة مرشّح ضابط، ويبدو أنه تأثر بوالده الذي كان ضابطا في الجيش وبعمِّـه محمود أبوراس الروسان الذي تخرَّج من الكلية العسكرية في اسطنبول والتحق بالثورة العربية الكبرى بعد قيامها وأصبح من كبار ضباطها.
كان محمود الروسان كأترابه من أبناء جيله متأثرا بطروحات الحركة الوطنية الأردنية الرافضة للوجود البريطاني في الأردن وفي فلسطين والرافضة للمخطط الصهيوني الإنجليزي الهادف لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم الذي وعدت بموجبه بريطانيا على لسان وزير خارجيتها اللورد المُتصهين بلفور اليهود بمساعدتهم على إقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين »وعد بلفور 2 / 11 / 1917 م»، ووجد الروسان في حرب فلسطين 1948 م التي شارك فيها كضابط في الجيش العربي الأردني المصطفوي الفرصة التي كان ينتظرها كل شاب عربي ليترجم مشاعره الوطنية العروبية ضد الإنجليز وضدَّ الصهاينة فأبلى مع إخوانه من ضباط وجنود الجيش العربي الأردني في حرب العصابات اليهودية المدعومة بلا حدود من المحتلين الإنجليز فمُنح وسام الإقدام العسكري في الميدان، ولكن الضابط الإنجليزي جون كلوب باشا الذي كان قائدا للجيش والشرطة لم يغفر للروسان وللإخوانه الضباط الوطنيين بسالتهم في حرب العصابات اليهودية فعمد إلى إبعادهم عن جنودهم خشية أن يؤثروا فيهم، فتمَّ نقله مُلحقاً عسكرياً في السفارة الأردنية في واشنطن»1953 ـ 1956 م»وخلال تلك الفترة حصل على شهادة جامعيّة متخصّصة بالإدارة العامة، ثمّ عيّن وزيراً مفوّضاً في واشنطن وفي أثناء ذلك حصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسيّة والعلاقات والمنظّمات الدوليّة، وفي عام 1958 م شغل منصب المدير العام للإحصاءات العامة، وخاض الإنتخابات النيابية التي جرت في 18 / 4/ 1967 م لإفراز نوَّاب المجلس النيابي التاسع وفاز بأحد مقاعد محافظة إربد.
كان الأستاذ محمود الروسان إلى جانب إهتماماته العسكرية والسياسية شاعرا موهوبا ولكن يبدوأن السياسة والعسكرية نجحتا في إختطاف محمود الروسان الشاعر فلم يشتهر كشاعر كما اشتهر كعسكري وكسياسي، وقد صدر له ديوانان من الشعر، ديوان»دروب الكفاح»، وديوان»دموع وأناشيد إلى عائدة»، وديوان»عصارة روح»، وله كتاب»فلسطين وتدويل القدس»باللغة الانجليزية ويتضمَّن رسالته لنيل شهادة الماجستير، وعلى الصعيد العسكري أصدر كتابا عن حرب فلسطين عنوانه (معارك باب الواد واللطرون»، إنتقل شاعرنا محمود أحمد الروسان إلى رحمة الله عزَّ وجلَّ في عام 1980 م